تربيتي لأبنائي

قياسي

المقدمة

في الواقع موضوع التربية من المواضيع التي أشبعت بالحديث، حيث نجد البرامج الإعلامية – إذاعية أو تلفازيه- ، المجالس، الأوراق العلمية والورش وغيرهم كثير قد قاموا بالتحدث عن هذا الموضوع بإسهاب.

إذن لماذا اكتب عن هذا الموضوع؟ أنا هنا لن أكتب عن التربية بشكل عموم، ولكني سوف أقوم بتوضيح أسلوبي في تربية ابني. لعلك تستفيد ولو بشيء بسيط من ما أكتبه أو تفيدني بتعليقك الكريم.

الأبناء نعمة من الله وكذلك ابتلاء أيضا حيث ورد في الآيتين الكريمتين: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ، { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}. وهذا الشيء شيء طبيعي فكل شيء إذا استخدم استخداما سيئا يكون ابتلاء وإذا استخدم استخداما سليما كان نعمة.

والأبناء لكي يكونوا نعمة بإذن الله، يجب أن يتعب الآباء في تربيتهم. لأنك سوف تحصد تربيتك في المستقبل. حيث ورد عن عمر بن الخطاب مقولة مشهورة ” قد عققته قبل أن يعقك”.

أنا أربي نفسي قبل ابني

ولا تستغرب أخي العزيز إذا قلت لك ، أنه يجب أن يربي الوالد نفسه قبل أن يربي ابنه، وهذا ما أحاول جاهدا أن افعله. لأنك سوف تجد نفسك بعض الأحيان في ورطة حيث تطلب من ابنك عدم السب وهو يراك تقوم بسب الآخرين أمامه.

إذن لنحاول ترك العادات السيئة سواء في التعامل أو الحديث أو حتى الأكل، قبل أن نطلب من أبناءنا فعل ذلك.

عن عبد اللَّه بن عامر قال: دعتني أمي، ورسول اللَّه صلي الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال أعطيك، فقال صلي الله عليه وسلم : “ما أردت أن تعطيه؟” قالت: أعطيه تمرًا. فقال لها: “أمَا إنك لو لم تعطيه شيئًا كُتِبت عليك كذبة”.

أزرع في ابنك الثقة وعامله كالرجال

يجب أن يزرع الوالد في ابنه الثقة وتشجيعه على فعل الشيء حتى ولو صغيرا على ذلك وإن لم يستطع فلا مانع من مساعدته ولكن لا تساعده قبل أن يحاول. ولاتكن من الآباء المحبطين والمهبطين لهمة أبنائهم. لأن هذا الشيء له الأثر العظيم في مستقبل حياته. ويكفي أن رسول الله الكريم صلوات الله وسلامه عليه قد أسند قيادة جيش فيه كبار الصحابة لأسامة بن زيد ذو السبعة عشر ربيعا.

ومن باب الثقة أن تعامل ابنك وكأنه رجل فعن  سهل بن سعد  رضي الله عنه قال:” أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب وعن يمينه غلام هو أحدث القوم والأشياخ عن يساره قال: يا غلام أتأذن لي أن أعطي الأشياخ فقال ما كنت لأوثر بنصيبي منك أحدا يا رسول الله فأعطاه إياه.” ومع انه غلاما صغيرا ولكن استأذن منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ليزرع في الابن الاحترام والعدل.

أنا أحاول جاهدا ان ازرع الثقة في نفس ابني حيث أقوم بتشجيعه على فعل الشيء حتى ولو كان غير قادر لكي يحس بالمسؤولية

التوبيخ أم الرفق

يكفيني في هذا المقال قول أنس بن مالك:”كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقا فأرسلني يوماً لحاجة . فقلتُ : والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجتُ حتى أَمُرّ على صبيان ، وهم يلعبون في السوق فإِذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقفاي ـ من ورائي ـ فنظرت إِليه وهو يضحك . فقال : يا أُنيس ، ذهبتَ حيث أمرتك ؟ قال : قلتُ : نعم ، أنا أذهبُ يا رسول الله “. فلم يوبخه الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه يعرف أن طبيعة الطفل النسيان وبعض الأحيان يحتاج الطفل إلى تذكير. فلماذا يتم توبيخهم.

ولتعلم أخي أن الرفق ليس يدل على ضعف الشخصية إنما يدل على حلم الشخص وحكمته وكما قال رسولنا صلي الله عليه وسلم ” ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه”.

المعاقبة والتحفيز

“يا بابا إذا رحت المدرسة سوف أعطيك هدية” ، “يا بابا إذا ما رحت المدرسة أبضربك”. في كلا الأسلوبين الأب يطلب من ابنه الذهاب إلى المدرسة. ولكن ما هو الفرق بينهم؟ في الأسلوب الثاني: الابن قد يتعرض للضرب وإن لم يتعرض للضرب فهو تعرض للتهديد وأصبح مجبرا للذهاب بلا رغبة وربما قد يكره الذهاب إليها في المستقبل. ولكن في الأسلوب الأخر الطفل سوف يفرح بالذهاب للمدرسة لأنه سوف يحصل على هدية مما يحببه إلى الذهاب إليها في المستقبل. إذن سوف نتفق على أن أسلوب التحفيز أفضل من الناحية النفسية للابن.

الحرمان جزء من التربية ولكن لا يستخدم بإفراط كبير لأنه يهز من شخصية الطفل. أنا أفضل أن يتم استخدام أسلوب الحرمان في حال وقوع الطفل في خطأ معين أكثر من مرة وقد تم توجيهه سابقا حوله.

المراقبة والتوجيه

دع لطفلك الحرية الكاملة ولكن لا تتركه لوحده بل كن قريب منه وجهه في حال الخطأ أو ساعده في اتخاذ قرار –لا تتخذ القرار أنت- في حال استصعب عليه أمر. اجعل ابنك يحس بأنك تثق فيه وفي سلوكه لأنه متى ما أحس أنك لا تثق في سلوكه فاعلم انه سوف يتظاهر أمامك وهو يفعل العكس بالخفاء وتصبح حلقة التواصل بينكم مفقودة.

ختاما

حاولت ان ألخص فلسفتي في التربية مع ابني باختصار شديد ، وأنا اعلم أن موضوع التربية بإمكاني أن أكتب في مجلدات ولكننا هنا في مدونة وما يمتاز به المدونات صغر المقال.